القدس المحتلة- ينحدر الفلسطيني “ب. ح.” من بلدة العيزرية شرقي القدس المحتلة، ويحمل بطاقة هوية مواطني الضفة الغربية “الخضراء”، ووجد في مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس ملاذا لمرافقته قانونيا خلال رحلة الحصول على “لم الشمل” مع زوجته المقدسية.
وفرت الخدمات القانونية المجانية في المركز أكثر من 7 آلاف دولار كان على هذا الرجل دفعها، إذ رافقه محامي المركز محمد شهابي للحصول على حقه في الإقامة مع زوجته المقدسية في المدينة المقدسة.
ولأن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في القدس رديء، يرى “ب. ح.” أهمية كبرى في وجود مثل هذه المراكز الحقوقية التي تسند الفلسطينيين للحصول على حقوقهم الأساسية.
وانطلاقا من ذلك، رأت جامعة القدس عام 1999 ضرورة في افتتاح مركز يتبع لها في البلدة القديمة لشعورها بأهمية إسناد المقدسيين مجتمعيا وحقوقيا، ومساعدتهم في تحصيل حقوقهم من المؤسسات والدوائر الإسرائيلية المختلفة.
بداية الفكرة
ووفقا لرئيس جامعة القدس الدكتور عماد أبو كشك، فإن 10 مراكز ومعاهد تتبع للجامعة تؤدي دورا أساسيا في تثبيت الوجود المقدسي، منها مركز العمل المجتمعي الذي يستقبل يوميا نحو 30 حالة تطلب الدعم القانوني في مجالات متعددة.
وافتتح المركز -في بداية مشواره- مقره في “خان تنكز” بمنتصف سوق القطانين في البلدة القديمة للقدس، ثم انتقل عام 2004 إلى مبنى أثري آخر في المدينة العتيقة ويعود بناؤه إلى 800 عام.
في الطريق إلى المركز، يسلك الزائر طريق الواد، وبمجرد وصوله إلى المفترق الذي يؤدي يسارا إلى سوق القطانين والمسجد الأقصى المبارك، ينعطف يمينا ويصعد السلالم إلى عقبة الخالدية التي يشغل المركز مبنى في منتصفها وتجاوره عقارات تاريخية تحولت إلى بؤر استيطانية بقوة الاحتلال.
فجوة كبيرة
داخل البناء الأثري، استقبل الجزيرة نت مدير مركز العمل المجتمعي منير نسيبة، الذي استهلّ حديثه بالتطرق إلى تاريخ البناء موضحا أنه يعود إلى 800 عام، وأُنشئ ليكون كنيسة في العهد الصليبي، ثم تغير استخدامه في العصور المتلاحقة إلى أن أصبح وقفا ذُريّا لعائلة الحسيني التي تستأجر منها الجامعة هذا المبنى منذ عقدين.
كان المركز يقدم في بداية تأسيسه خدمات بسيطة للمقدسيين من خلال توظيفه عددا من الاختصاصيين الاجتماعيين الذين يساندون المقدسيين في تعبئة الاستمارات للدوائر الإسرائيلية المختلفة، ظنا منهم أن ذلك سيساعد هؤلاء في تحصيل حقوقهم، لكنهم وجدوا لاحقا حاجة ملحة لوجود محامين يمثلون المقدسيين في المؤسسات والمحاكم لتحصيل حقوقهم، وفقا لنسيبة.
“الفجوة كبيرة بين المقدسي ومؤسسات الاحتلال التي تفرض الضرائب والمخالفات، لكنها تمتنع في كثير من الأحيان عن إعطاء الحقوق” أضاف نسيبة.
وقال إن اللغة العبرية لا تزال حاجزا كبيرا أمامهم، “ولأننا نعيش في منظومة فصل عنصري تستهدفنا نحن المقدسيين، كون الاحتلال لا ينظر إلينا بشكل طبيعي، بل كهدف للسياسات من أجل تهجيرنا وطردنا، ارتأينا تطوير عمل المركز وتوظيف محامين لمرافقة المقدسيين والترافع عنهم مجانا منذ عام 2011”.
ويقدم المركز خدماته من خلال عيادته القانونية في جميع القضايا المتعقلة بوزارة الداخلية الإسرائيلية، كالإقامة وتسجيل الأطفال ولم الشمل، وقضايا الضمان الاجتماعي كمخصصات التأمين الصحي والأطفال والأرامل والشيخوخة والعجز وغيرها، بالإضافة للقضايا المتعلقة بهدم المنازل وتراخيص البناء، ومخالفات البلدية.
مناصرة محلية ودولية
وبالإضافة إلى تردد المقدسيين على مقر المركز في البلدة القديمة، فإنه يقدم -من خلال العيادة المتنقلة- خدماته في كل من بلدة العيساوية شرقي القدس، وكفر عقب خلف الجدار العازل شمالي المدينة.
ويرى نسيبة أن وجود المركز مهم لتمكين المقدسيين الذين يواجهون كثيرا من العراقيل في حياتهم اليومية بسبب تغير اللوائح القانونية الإسرائيلية باستمرار، ويضعهم ذلك في خانة يضطرون بها لإثبات مركز حياتهم داخل القدس بشكل دائم.
ويوضح نسيبة “لا ندّعي أنه يمكننا أن نوصل الفلسطيني لمرحلة التمتع بحقوق الإنسان، لكن ما نحاول فعله من خلال الخدمات القانونية هو تحصيل ما يمكن تحصيله واقعيا، في ظل إجراءات الاحتلال العنصرية ومنظومة الفصل العنصري التي نعيش تحتها”.
وبالإضافة للعيادة القانونية، يضم المركز وحدة المناصرة المحلية والدولية التي تأسست عام 2016 بسبب تصاعد العقوبات الجماعية الإسرائيلية بحق المقدسيين بعد اندلاع هبّة القدس عام 2015، إذ “وجدنا أن الاحتلال يركب الموجة ليضيف العقوبات مثل إلغاء الإقامة عقابيا، وهدم المنازل عقابيا، وتحرير مخالفات تعسفية للناس عقابيا”.
ومن هنا، انطلق المركز في تمثيل القدس بالمحافل الدولية من خلال مشاركته في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والبرلمان الأوروبي، ومقر الأمم المتحدة في نيويورك وبعض العواصم والمنظمات الأخرى. ويخطط المركز لتوسيع عمل هذه الوحدة بالانفتاح على تكتلات أخرى، كالاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرهما.
وختم مدير المركز والخبير في القانوني الدولي حديثه بالقول إنه على صعيد المناصرة المحلية “توثق هذه الوحدة انتهاكات الاحتلال في القدس بشكل مستمر وتنظم مؤتمرات دبلوماسية نلتقي فيها مع الممثلين الدبلوماسيين لنشرح لهم تطورات الأحداث والانتهاكات”.
أكبر عقبة
من جهته، قال المحامي في مركز العمل المجتمعي محمد شهابي إن أصعب ما يواجهه هو السلطة “التقديرية” الكبيرة الممنوحة لوزير الداخلية الإسرائيلي الذي يحق له أن يقيس الأمور ويمنح أو يمنع الحقوق بشكل فضفاض.
ورغم أن ذلك يخضع لقيود تعطي المحامين مساحة للجوء إلى القضاء، فإن مشكلة المحاكم الإسرائيلية أنها تكمن في خضوعها لوزارة الداخلية ونادرا ما يتدخل قضاة “محكمة الاستئنافات للشؤون الداخلية” في القرارات الصادرة عن وزير الداخلية.
وفي حال وجود ما يسمى “منع أمني” على الشخص الذي يتقدم للمعاملات المختلفة في وزارة الداخلية، فإن المحامين يواجهون صعوبات مضاعفة، لكنهم نجحوا في حالات معينة ترفض الداخلية الإسرائيلية تعميمها وتعتبر أنها تقتصر على ملف دون غيره.
وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي اندلعت فيه الحرب على غزة، أصبحت الأمور أكثر تعقيدا، ووُضعت -وفقا لشهابي- ضوابط جديدة دون رقيب ولا حسيب.
ولهذا يشعر هذا المحامي بأنه مكبل في بعض الحالات، لكنه يجزم أن عمله بحاجة إلى تصميم وصبر كبيرين من أجل المضي في مساعدة المقدسيين ومساندتهم حقوقيا وقانونيا.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على المصدر اعلاه وقد قام فريق التحرير في كل المصادر بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
التعليقات