التخطي إلى المحتوى

كييف- تكتسب زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي -اليوم الجمعة- إلى أوكرانيا، معاني وأهمية كبيرة، لاسيما وأنها تأتي على خلفية انتقادات أوكرانية متكررة لموقف الهند “المحايد” من حرب روسيا المستمرة عليها منذ فبراير/شباط 2022، وفي يوم تحيي فيه كييف “يوم العَلم” وتستعد -أيضا- لإحياء “عيد الاستقلال” غدا.

وللتأكيد على أهمية الزيارة ورمزية توقيتها، تكفي معرفة أنه منذ استقلال أوكرانيا عام 1991، لم يزر أحد من كبار قادة الهند كييف، بل كانت العلاقات بين الطرفين متوترة إلى حد ما، خاصة بعد أن زودت أوكرانيا باكستان بـ320 دبابة عام 1996.

وبدأت سلسلة الانتقادات الأوكرانية المتعلقة بموقف الهند من الحرب الراهنة مباشرة بعد رفض نيودلهي الانضمام إلى العقوبات الغربية والعالمية التي فُرضت على روسيا، خاصة تلك المتعلقة بقطاعات الطاقة والإنتاج العسكري والتعاملات المالية عبر البنوك.

This photograph provided by Indian Prime Minister’s office shows Indian Prime Minister Narendra Modi, second right, and Ukrainian President Volodymyr Zelenskyy, right at the Martyrologist Exposition in Kyiv, Ukraine, Friday, Aug.23, 2024. (Indian Prime Minister’s office via AP) اسوشيتد برس
رئيس الوزراء الهندي والرئيس الأوكراني في معرض “الشهداء” بكييف (أسوشيتد برس)

مآخذ أوكرانية

وبهذا، كانت الهند ثاني دولة كبرى مؤثرة تتخذ هذا الموقف بعد الصين، الأمر الذي رأت فيه كييف انحيازا ودعما لموسكو أطال أمد الحرب، في حين شددت نيودلهي مرارا على أنه “موقف محايد”.

ثم تعرض مودي لانتقادات لاذعة أثناء زيارته إلى روسيا يومي 8 و9 يوليو/تموز الماضي، لأنها تزامنت مع ضربات صاروخية على مستشفى “أوخماديت” في كييف، حيث وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عناق مودي لنظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه “خيبة أمل كبيرة وضربة ساحقة لجهود السلام”.

ورغم الانتقادات، يبدو أن الحرب دفعت كييف لإدراك أكبر بأهمية الهند، والاعتراف وتصحيح “أخطاء” سببت موقف الهند هذا -وغيره- حيث لم تؤيد أي قرار أممي ضد روسيا منذ بداية الحرب.

في حديث مع الجزيرة نت، يقول الدبلوماسي السابق والمؤرخ رومان بيسميرتني إن منطقة جنوب آسيا لم تكن أولوية بالنسبة لسياسات أوكرانيا الخارجية، رغم نقاط الاتصال الواعدة فيها. وكان التركيز دائما على تحسين وتطوير العلاقات مع الغرب.

وهكذا تُركت الساحة الهندية لروسيا، ومن وجهة نظر الدبلوماسي السابق فإن المشاعر المؤيدة لموسكو في الهند قوية لأن تاريخها يعود إلى الحقبة السوفياتية. وخلال العقدين الماضيين، زودت روسيا الهند بنحو 65% من الأسلحة التي اشترتها من طائرات ومروحيات وغواصات وسفن حربية، واليوم تزودها بنحو 40% من احتياجاتها النفطية.

ويرى المؤرخ أن “مودي يعتبر أوكرانيا شريكا طبيعيا، لكن الكثير من الأمور أفسدت العلاقات الثنائية خلال العقد الماضي، وتحتاج إلى تسوية، خاصة ما يتعلق بالتعاون العسكري بين أوكرانيا وباكستان”.

الاقتصاد أم الوساطة؟

ويتابع الدبلوماسي السابق أن “الخارجية الأوكرانية اعتمدت إستراتيجية جديدة لسد مثل هذه الثغرات، سواء في الهند أو أفريقيا”. فقد زار الوزير دميترو كوليبا الهند في مارس/آذار الماضي، وحضرت نيودلهي قمة السلام في سويسرا يوم 14 يونيو/حزيران الماضي، حتى وإن كان ذلك على مستوى مسؤول الشؤون الغربية بالخارجية الهندية.

وعلى مستوى التصريحات الرسمية، تركز الزيارة على تعزيز العلاقات الاقتصادية، والتعاون في المجالات الدفاعية والعلمية والتكنولوجية. لكن واقع الحال يشير إلى هدف آخر أكبر وأهم، والخبراء يجمعون على أنه محصور بجهود فرضتها الحرب وتتعلق بها.

فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يتجاوز 3 مليارات دولار قبل الحرب، ووصل إلى نحو 65 مليارا بين الهند وروسيا خلالها، فسندرك مصلحة الاقتصاد الهندي مع روسيا، ونيودلهي لن تضحي بذلك على حساب بناء علاقات مع كييف “العدو” في عيون الروس.

وفي حديث مع الجزيرة نت، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية، أوليكسي هاران، أن أهداف الزيارة محصورة بما يلي:

  • إيجاد توازن ومنح طمأنينة للغرب، من خلال إظهار أن الموقف الهندي ليس منحازا بتشدد إلى روسيا، حتى وإن بقيت العلاقات “الأوثق” معها. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أوكرانيون وغربيون أن الهند تتجه فعلا نحو تقليل الاعتماد العسكري على موسكو لأن الحرب في أوكرانيا كشفت ضعف جودة المعدات الروسية في القتال الحقيقي.
  • صناعة سلام مع وقف التنفيذ، لأن الهند، على عكس الصين أو تركيا، لم تأت بخطة سلام واضحة لهذا الغرض.
  • نقل الرسائل لا الوساطة (بين أوكرانيا وروسيا) وهو الهدف المرجح أكثر من غيره، ولمح إليه فعلا مسؤولون في الهند وأوكرانيا.

سياسات الهند

وعلى ضوء ما سبق، يرى المؤرخ والدبلوماسي السابق أنه على أوكرانيا فهم سياسات الهند، لأن أجندتها ورؤيتها للحقائق العالمية “تختلف اختلافا كبيرا عن تلك التي اعتدنا عليها”.

ويوضح أن نيودلهي لن تقطع علاقاتها مع روسيا أبدا، وموقف الحياد “الوهمي” الذي تتبناه يهدف أيضا إلى منع تحالف صيني روسي أوثق لأنه خطر عليها، على حد قوله. وباعتقاده، تعتبر دول مجموعة السبع الكبار الهند بديلا حقيقيا للنفوذ الصيني المتزايد، ولهذا توجه الاستثمارات والتقنيات نحوها.

وفي الإطار ذاته، يرى إيفان أوس كبير مستشاري مركز دراسات السياسة الخارجية التابع للمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية أنه “في الهند، لا يحبون الولايات المتحدة، لكنهم لا يحبون الصين أكثر، وكلما ازدادت العلاقات قوة بين موسكو وبكين سارعت نيودلهي نحو مزيد من التطبيع مع الغرب، عبر بوابة أوكرانيا حاليا”.

وبالعودة إلى الزيارة، يرى أوكرانيون أن روسيا تراقبها عن كثب، وتتخوف فعلا من إمكانية صدور أي تصريحات تنتقدها خلالها. ذلك لأن رئيس الوزراء الهندي أثار حفيظة موسكو أثناء زيارتها، عندما اعتبر أن قصف مستشفى الأطفال بمجمع “أوخماديت” الطبي في كييف “أمر غير مقبول”.

ويرى الدبلوماسي السابق أنه بالتزامن مع زيارة مودي إلى كييف في ذكرى الاستقلال، فإن أي تصريح عن دعم وحدة وسلامة أراضي أوكرانيا سيشكل صفعة لجهود موسكو نحو شرعنة احتلالها للأراضي الأوكرانية أيضا.

Source link

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على المصدر اعلاه وقد قام فريق التحرير في كل المصادر بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *